جاري التحميل ...

التعليقات

المساهمون

إتصل بنا



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

آخر الأخبار

جميع الحقوق محفوظة

كتابات قانونية legal writings

2016

أعمال السيادة و مدى خضوعها للرقابة القضائية

أعمال السيادة و مدى خضوعها للرقابة القضائية 



بقلم المستشار : الحاج حسب الله محمد 

تمهيد : 

         ان السلطة التنفيذية ليس لها مطلق الحرية في اعمالها و ان ما تصدره من قرارات ادارية يخضع للرقابة من قبل السلطة القضائية و لابد أن تكون تلك القرارات متوافقة و القانون العام ( القانون الاداري ) و القانون الخاص الذي ينظم مسألة من المسائل ، و بمجرد ما أن تخالف الادارة العامة ( السلطة التنفيذية ) القانون  او تتنكب عن الطريق الذي رسمه لها المشرع لاتخاذ قراراتها  فان ذلك يكون مدعاة لمقاضاة الادارة و يجعل من قراراتها التي صدرت بتلك الكيفية عرضة للالغاء و ترتيب الجزاء علي ذلك سواء كان تعويض ام غيره . 
        و ان السلطة القضائية هي التي لها الاختصاص بالفصل في جميع القضايا بشتي انواعها سواء كانت ادارية ام مدنية ام جنائية و على ذلك تختص محاكم القضاء المنشأة بموجب قانون السلطة القضائية  بالنظر في جميع المنازعات و الجرائم التي يمكن أن تقع فيما بين الأفراد ، أو بين الأفراد و إدارات الدولة وفق قواعد توزيع الاختصاص  ، حيث يختص القضاء الإداري بالفصل في جميع المنازعات الإدارية المنصوص عليها في القانون الاداري في الدولة ، و تختص محاكم القضاء العادي ببقية المنازعات مهما كانت تسميتها .
           و قد ورد هذا الاختصاص في قوانين السطة القضائية في مختلف الدول و قد جاء ذلك في  قانون قانون الهيئة القضائية لسنة 1986 في المادتين الاتيتين :
 أ /  المادة : 4ـ  (1)      تكون  ولاية القضاء فى جمهورية السودان لسلطة مستقلة تسمى ، " الهيئة القضائية " . 
ب / المادة : 9ـ   تتولى المحاكم  الفصل فى كافة المنازعات والجرائم وتختص كل منها بالفصل فى المسائل التى ترفع اليها طبقاً للقانون . 
و كذلك نصت الوثيقة الدستورية في المادة ( 30) : 
الفقرة ( ١) : تسند ولاية القضاء في السودان للسلطة القضائیة. 
الفقرة ( ٣) : ينعقد للسلطة القضائية الاختصاص القضائي عند الفصل في الخصومات و إصدار الأحكام وفقا للقانون. 
            و أن الحق في التقاضي من الحقوق الاساسية للانسان و قد نصت دساتير الدول علي ذلك و من ذلك نص دستور جمهورية السودان الانتقالي لعام 2005 علي ذلك الحق في المادة ( 35 )  بالاتي : ( يكفل للكافة الحق في التقاضي، ولا يجوز منع أحد من حقه في اللجوء إلى العدالة ) 
و أيضا نصت عليه المادة ( ٥٣ ) من الوثيقة الدستورية : ( يكفل للكافة الحق في التقاضي و لا يجوز منع أحد من حقه في اللجوء إلى العدالة). 
         و بالرغم من ذلك فهنالك قرارت تصدر من السلطة التنفيذية تم استثناءها من تلك الرقابة و تمتعت بالحصانة من النظر و الفصل فيها من قبل السلطة القضائية و هي التي تعرف بأعمال السيادة .

مفهوم أعمال السيادة : 

        ان تعريف اعمال السيادة يختلف باختلاف حال الدولة فبعض انظمة الحكم في الدول تتوسع في مفهوم اعمال السيادة كي تبسط هيمنتها و سيطرتها علي أكبر قدر من السلطات و الصلاحيات في الدولة و تكون في مأمن من الرقابة علي اعمالها ، و البعض يحد من منح السلطة التنفيذية سلطات وصلاحيات واسعة و يجعل اعمالها كلها او بعضها خاضعة للرقابة من قبل السلطة القضائية .
      و نتيجة لذلك اختلف الفقهاء في تحديد مفهوم اعمال السيادة  فهنالك من عرفها بالاتي: 
ـ تعريف الدكتور محمود حافظ أعمال السيادة بأنها ( طائفة من أعمال السلطة التنفيذية تتمتع بحصانة ضد رقابة القضاء بجميع صورها أو مظاهرها )
(( نقلا عن الدكتور محمد واصل ؛ أعمال السيادة و الاختصاص القضائي قسم القانون الخاص - كلية الحقوق جامعة دمشق ، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية و القانونية ـ المجلد 22 ـ العدد الثاني 2006 ص 383)) 
و يمكن تعريف اعمال السيادة بأنها : الاعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية و لا تخضع  لرقابة السلطة القضائية  سواء كان ذلك بموجب نص قانوني او حكم قضائي لاسباب تعود الي النظام الحاكم في الدولة .  
و معني ذلك أن المشرع في الدولة قد  يحدد اعمال بعينها و يعتبرها اعمال سيادة و يمنع السلطة القضائية من الرقابة عليها او ينص علي أنه لا يجوز الطعن في اعمال السيادة من غير تحديد لها و يترك ذلك للقضاء لتحديد ما اذا كان العمل محل الطعن يعتبر من  اعمال السيادة ام لا .

معايير تمييز أعمال السيادة :

وفي سبيل تمييز أعمال السيادة عن غيرها فهناك ثلاثة معايير نصّ عليها فقهاء القضاء الإداري و أطنب فيها أستاذ القانون الإداري د. سليمان الطماوي، وهي كالتالي:

اولا : معيار الباعث السياسي:

معيار الباعث السياسي هو المعيار الذي اعتمده مجلس الدولة الفرنسي للأخذ بنظرية أعمال السيادة
وبمقتضاه يعدّ العمل من أعمال السيادة إذا كان الباعث عليه سياسياً، أما إذا لم يكن الباعث سياسياً فإنه يعدّ من الأعمال الإدارية التي تخضع لرقابة القضاء.

ثانيا : معيار طبيعة العمل:

 لجأ الفقه والقضاء إلى إعتماد طبيعة العمل ومفهومه لتمييز عمل السيادة عن أعمال الإدارة الأخرى،
وبناء على ذلك فإن ما تصدره 
 وفي سبيل ذلك ظهرت إتجاهات عدة منها ما ذكره الطماوي في كتابه إلى التمييز بين العمل الإداري والعمل الحكومي إذ عدّ العمل حكومياً إذا قصد به تحقيق مصلحة الجماعة السياسية كلها والسهر على إحترام دستورها، وسير هيئاته العامة والإشراف على علاقاتها مع الدول الأجنبية وعلى أمنها الداخلي، وهذا النوع من الأعمال يندرج في ضمن أعمال السيادة ويمتنع عن رقابة القضاء، أما النوع الآخر الذي يتعلّق بالتطبيق اليومي للقوانين والإشراف على علاقات الأفراد بالإدارة المركزية أو المحلية، وعلاقات الهيئات الإدارية، بعضها بالبعض الآخر فيندرج في ضمن أعمال الإدارة الإعتيادية التي تخضع لرقابة القضاء.

ثالثا: معيار القائمة القضائية: 

 لجا اتجاه في الفقه الى مجموعات احكام المحاكم لاستقراء الاحكام القضائية من اجل استخلاص ما يعد – وفقا لها – من اعمال السيادة، واستطاع ان يضع قائمة لهذه الاعمال، 
واهم ما تتضمنه هذه القائمة:
1 / الاعمال المنظمة لعلاقة السلطة التنفيذية بالبرلمان.
2 / الاعمال المتصلة بالعلاقات الدولية والدبلوماسية.
3 / بعض الاعمال الحربية والاعمال المتعلقة بالحرب.
4 / بعض الاعمال والإجراءات الخاصة بسلامة الدولة وامنها الداخلي.
       يري الباحث أن حصر الاعمال التي تعتبر اعمال سيادة في نص قانوني هو افضل معيار لتمييز اعمال السيادة عن غيرها غير أنه يجب التريث و التمعن جيدا قبل تحديد تلك الاعمال و عدم افساح المجال واسعا للسلطة التنفيذية لادراج كل ما يتوافق مع نظامها الحاكم بل لابد من ادراج ما يتعلق بالمصلحة العامة فقط في اضيق نطاق ممكن. 
       و ان هذا التحديد والحصر يسد الطريق امام السلطة التنفيذية من القيام باعمال تعتدي فيها علي حقوق الافراد بالتذرع بنظرية اعمال السيادة و يقلل الجهد علي القضاء في الفصل في الطعون المقدمة امامها كما أنه يمنع من التوسع في مفهوم اعمال بادخال ما ليس منه فيه .

أعمال السيادة في القانون السوداني :

و هنالك قرارات إدارية تعتبر من أعمال السيادة و لا تقبل الطعن في القانون السوداني :
((الأستاذ /عبدالواحد عبدالله أبورأي  ، الرقابة القضائية علي أعمال الإدارة ، شرح القانون الإداري  ، بحث منشور علي موقع (https://www.mohamah.net ))

و هذه القرارات هي : 

1 /  القرارات التي لا تخضع للطعن بحكم القانون :
      هنالك الكثير من القرارات التي نص القانون صراحة على نهائيتها و تحصينها ضد الطعن أمام القضاء ومن الأمثلة عليها  : 
أ / نص قانون جوازات السفر والهجرة لسنة 1994م في المادة (21) منه على أن قرار الوزير في إبعاد أي أجنبي من السودان ، يعتبر قرارا نهائيا لا يجوز الطعن فيه أمام المحاكم .
ب / نص قانون إخلاء المباني العامة لسنة 1969م على أنه لا يجوز لأي محكمة أن تعقب على أي قرار صادر بموجبه .
ج / نص قانون محاسبة العاملين بالخدمة المدنية القومية لسنة 2007م على نهائية قرار الوزير .
د / نص المادة (31) من قانون الهيئة القضائية لسنة 1986 على أن القرارات الصادرة بتعيين القضاة تعتبر نهائية وغير قابلة للطعن أمام أي جهة قضائية . 
2 /  القرارات السياسية (أعمال السيادة) : وهي أعمال سياسية تتعلق بشؤون الدولة العليا وتكون المسؤولية عنها سياسية لا قانونية . و لذلك فقد نصت المادة (8/1) من قانون القضاء الإداري لسنة 2005 م على عدم جواز الطعن فيها ، بينما نصت الفقرة الثانية على أن يعتبر من أعمال السيادة :
أ‌ / تعيين شاغلي المناصب الدستورية القومية والولائية ،
ب / إعلان الحرب ،
ج / إعلان حالة الطوارئ ،
د /  تمثيل الدولة في علاقتها الخارجية بالدول والمنظمات ،
ه /  تعيين السفراء وإعتماد السفراء المبعوثين إليها ،
و / تعيين شاغلي الوظائف القيادية في الخدمة المدنية.
       نجد أن المشرع السوداني قد نص علي أن أعمال السيادة لا يجوز الطعن فيها و لم يحدد المشرع المقصود بهذه الاعمال و ما هو معيار تمييزها عن غيرها من الاعمال الاخري ، و لقد حدد النص  اعمالا بعينها و اعتبرها اعمال سيادة . 
      و السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ما عدا تلك الاعمال المذكورة يجوز الطعن فيها لان المشرع لم يحصنها من الرقابة في قانون القضاء الاداري ؟ 
        يجيب الباحث علي هذا التساؤل بالنفي حيث أن المشرع في الفقرة الاولي منع الطعن في جميع أعمال السيادة بغض النظر عن اين وردت سواء في هذا القانون ام اي قانون اخر ، فكل ما ينطبق عليه وصف العمل السيادي يتمتع بالحصانة ضد الرقابة عليه ، و يري الباحث ان الاعمال التي حددها المشرع في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون المذكور لا تعدو كونها أمثلة لتلك الاعمال و ليس حصرا لها .

 تطبيقات قضائية في أعمال السيادة: 

             نظرية أعمال السيادة هي نظرية قضائية الصنع والمنشأ، حيث قام القضاء وخصوصا الاداري بالعديد من الأعمال التي تهدف إلى التضييق من نطاق هذه النظرية و الحد من آثارها السلبية ، وعلى هذا الأساس، نأتي ببعض الشواهد التي تدل على تطبيق اعمال السيادة علي النحو التالي  :
  أ - سابقة : ،جيمس أوكلو أقور وآخرين // ضـد// حكومة جمهورية السودان " م ع/ ع د/5/1987 "ـ المحكمة العليا في السودان : الدائــرة الدســتورية  ارست المبادئ الآتية : 
1 /   إن قرار مجلس الوزراء رقم 52/1987 بإنشاء مجلس للجنوب وتعيين عدد من الحكام في المديريات الجنوبية لا يندرج تحت أي من الطوائف التي تعتبر قانونا في معنى المادة الرابعة من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة 1974 ومن ثم فإنه لا ينعقد لواء الاختصاص للمحكمة العليا للنظر والفصل فيه بادعاء مخالفته للدستور
2 /   أن مجلس الوزراء لم يتغول على صلاحيات مجلس السيادة عند إصدار القرار 52/1987 لأن سلطات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في المادتين 8/18/19 من قانون الحكم المحلي الذاتي الإقليمي للمديريات الجنوبية آلت إلى مجلس الوزراء بموجب المادتين 3/5 من قانون تنسيق القوانين لسنة 1406هـ وذلك بانتقال صلاحية رئيس الجمهورية إلى المجلس العسكري الانتقالي ثم إلى مجلس الوزراء
3 / بالنظر إلى حل مجلس الشعب الإقليمي وإعفاء رئيس المجلس التنفيذي العالي بمقتضى البيان رقم 2 الصادر من القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة بتاريخ 6/4/1985 وإلى إلغاء قانون انتخابات مجلس الشعب الإقليمي لسنة 1981 بموجب المادة الثانية من قانون تنسيق القوانين لسنة 1406هـ وإلى عدم إصدار الهيئة التشريعية أية قوانين بديلة لم يعد هناك مجلس شعبي إقليمي يوصي بتعيين رئيس المجلس التنفيذي في هذه الظروف واضح أن القرار الصادر من مجلس الوزراء انما هو قرار سياسي ينأى عنه الرقابة القضائية لاعتبارات عملية وقانونية ومن ثم لا تشتمل عريضة الدعوى على مسألة صالحة للفصل فيها
تسبيب آخر:
لما كان يتعذر نظرا للظروف الاستثنائية المعروفة وغير المألوفة التي كانت ولا تزال سائدة في الجنوب على الحكومة والجمعية التأسيسية اتباع الأحكام الواردة في قانون الحكم الذاتي أو الدستور الانتقالي بشأن إدارة الجنوب فإن قرار مجلس الوزراء بتعيين مجلس لإدارة الجنوب يعتبر قرارا سياسياً لا يخضع للرقابة القضائية
 تسبيب ثالث:
أن القرار الصادر من مجلس الوزراء لم يصدر من الجمعية التأسيسية صاحبة الاختصاص في التشريع ولم يستند على قانون الحكم الذاتي ولا المادة 16/2 من دستور السودان الانتقالي ومن ثم فإن هذا القرار جزء من ممارسات السلطة التنفيذية وفقا لأحكام المادة 92(1) التي تكون مسئولة أمام الجمعية التأسيسية طبقا لما تضمنه النص في ذات الفقرة من المادة 92 من الدستور
 ب ـ قضية محمد الحسن الأمين ضد حكومة السودان (( هنري رياض، أ. فاروق أحمد ابراهيم، أشهر القضايا الإدارية والدستورية في السودان، دار الجيل، بيروت، د.ت، ص، 381، نقلا عن الناتو ولد يب ، مرجع سابق ص 46 )) ذكرت المحكمة في هذه القضية أن أن حالة الطوارئ في البلاد تعتبر من الأمور السياسية التي لا يجوز الطعن فيها أمام المحاكم. 







Legal writings
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع كتابات قانونية legal writings .

جديد قسم : المقالات

إرسال تعليق