جاري التحميل ...

التعليقات

المساهمون

إتصل بنا



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

آخر الأخبار

جميع الحقوق محفوظة

كتابات قانونية legal writings

2016

الشخصية الإعتبارية و مدى مساءلتها مدنيا و جنائيا


الشخصية الإعتبارية و مدى مساءلتها مدنيا و جنائيا  


بقلم المستشار : الحاج حسب الله محمد 

نتيجة للتقدم الذي حدث في العالم أصبح الإنسان لا يستطيع بمفرده جميع رغباته و تطلعات البشرية من تحقيق أغراض تجارية و تنفيذ مشروعات اقتصادية و اجتماعية بل و سياسية ما لم يضم غيره معه و يشكلوا كتلة مكونة من مجموعة أشخاص أو أموال لتنفيذ ما تريده هذه المجموعة و من هنا نشأت فكرة الشخصية الإعتبارية. 
وقد أقرّ القانون لهذه المجموعات من الأشخاص أو الأموال وأكسبها الشخصية القانونية التي تستقل عن الشخصية القانونية للأفراد المكونين لها، حتى لا تختلط حقوق وإلتزامات بعضهم ببعض. وسمّى تلك الجماعات بالشخصية المعنوية أو الإعتبارية. 
و أصبحت الأشخاص المعنوية في الوقت الراهن ظاهرة ملموسة تلازم المجتمعات الحديثة بل هي من ابرز خصائص تلك المجتمعات،  وصار دورها في الحياة العامة واضحا جدا للعيان لما للشخص المعنوي إمكانات وقدرات كبيرة و هامة. 

 ماهية الشخص الاعتباري :

تعريف الشخصية الإعتبارية: هي مجموعة من الأشخاص أو الأموال التي تهدف إلى تحقيق غرض معين، ويمنح القانون لها الشخصية القانونية المستقلة بالقدر اللازم لتحقيق هذا الغرض. 
و لقد تناول المشرع السوداني الشخص الاعتباري في المادة ٢٣ من قانون المعاملات المدنية ١٩٨٤ و نص علي الآتي : 

  الأشخاص الإعتبارية هي :

( أ ) الدولة والمؤسسات العامة وغيرها من المنشآت التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية,
(ب)    الهيئات والطوائف الدينية أو أي جهة أخرى ترى الدولة منحها الشخصية الاعتبارية,  
(ج) الأوقاف, 
(د )    الشركات التجارية,
(هـ)   الجمعيات والمؤسسات المنشأة وفقاً لأحكام القانون,
(و)  كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص في القانون,

حقوق الشخص الإعتباري : 

  و وفقا للمادة ٢٤ من قانون المعاملات المدنية للقانون السوداني فإن الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية وذلك في الحدود  التي يقررها القانون.     
 بالإضافة لذلك يتمتع االشخص الاعتباري بالاتي  
 ( أ )    ذمة مالية مستقلة,
 (ب)   أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يقررها القانون،
 (ج )    حق التقاضي,
 (د )  موطن مستقل, ويعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز ادارته, والشخص الاعتباري الذي يكون مركزه الرئيسي في الخارج وله نشاط في السودان يعتبر مركز ادارته بالنسبة للقانون الداخلي المكان الذي توجد فيه الإدارة المحلية.
 (3)   يكون للشخص الاعتباري من يمثله وفقاً لأحكام القوانين الخاصة به. 

هل يسأل الشخص الإعتباري مدنيا؟ 

لقیام مسؤولية الشخص الاعتباري المدنیة  یجب توافر أركان المسؤولية المدنيه سواء كانت مسؤولية عقدیة أو تقصیریة. 

فيسأل الشخص الإعتباري بموجب أحكام المسؤولية العقدية عن الاخلال بالعقود التي أبرمها عبر ممثله القانوني من الأشخاص الطبيعيين الذین یعملون لحسابه. 
و يسأل الشخص الإعتباري بموجب أحكام المسؤولية التقصيرية اذا تححقت شروطها و أركانها. 
 و یجب التمییز في تحدید طبیعة مسؤولیة الشخص الإعتباري المدنیة بین الأعمال التي تصدر من أعضاء الشخص الاعتباري (الهیئة نفسها أي الشخص الاعتباري)، وتلك التي تصدر من تابعیه من عمال وموظفین لدیه( الأشخاص  الطبیعیون)، فتنعقد بذلك مسؤولیة الشخص الاعتباري المدنیة فتقوم في مواجهة الشخص الاعتباري المسؤولیة التقصيرية نتیجة الضرر الذي أحدثه تابعه بفعله الضار،متى كان واقعا منه في حال تأدیة وظیفته أو بسببها أو بمناسبتها. 

 هل يسأل الشخص الإعتباري جنائيا ؟ 

هنالك خلاف في هذا الأمر فهناك من يرى أنه يجوز مسائلة الشخصية الإعتبارية جنائيا بينما يرى البعض الآخر خلافا لذلك بأنه لا يمكن أن يسأل الشخص الإعتباري بموجب أحكام المسؤولية الجنائية و ذلك على النحو الاتي :

الرأي الأول : يمكن مساءلة الشخص المعنوي جنائيا :

و ذلك لما للشخص المعنوي إمكانات وقدرات كبيرة وهامة  يمكن استغلالها في ميدان الإجرام، وبما أن القانون يحمي التصرفات المشروعة التي تقوم بها الأشخاص المعنوية فإن المنطق القانوني السليم يستوجب مؤاخذتها حين تقترف أفعالا غير مشروعة
 فالشخص المعنوي هو اجتماع عدد من الأشخاص الطبيعيين، أو الأموال يقدر له القانون كيانا قانونيا مستقبلا، أي أن له إرادة مستقلة تختلف عن إرادة مكونيه من الأشخاص الطبيعيين، كما أن له مصلحة متميزة عن جملة مصالح مكونيه أو أعضائه، ويميل أغلب الفقه المعاصر إلى تبني نظرية الشخصية الحقيقية للشخص المعنوي، وتشبيهه بالشخص الطبيعي بناء على أن الأفراد المكونين له يمثلون خلاياه و أعضاءه، ومجموع إراداتهم تتمخض عنه إرادة مستقلة و منفصلة عنهم هي الإرادة الذاتية للشخص المعنوي. 
و بناء على ذلك يجوز مسائلة الشخصية الاعتبارية جنائيا. 

الرأي الثاني : لا يمكن مساءلة الشخص المعنوي جنائيا :

يرى بعض الشراح بأن الشخصية المعنوية تفتقد للعقل والإرادة ولا تمتلك بذاتها القدرة اللازمة على اقتراف جريمة، وإنه من الواضح ينقصها الاعضاء الجسدية فلا تملك إتيان الفعل باعضائها الذاتية الخاصة وفضلاً عن ذلك فإن وجودها محكوم بمبدأ التخصص الذي أنشأت من أجله. ( د.إبراهيم على صالح، مرجع سابق ص 71- 72) 
و وفقا للقضاء الفرنسي جاء في حكم فرنسي  12/4/1892م، " لا يصح أن تتخذ إجراءات عقابية أمام المحاكم الجنائية إلا ضد أشخاص طبيعيين، وهم الّذين يصح أن توقع عليهم العقوبة أما الشركة التجارية فهي شخص معنوي مما لا يمكن معه أن تتحمل مسئولية مدنية اللهم إلا إذا نص على حالات محددة بقانون منظم لموضوعات خاصة" ( د. إبرا هيم على صالح – المسئولية الجنائية للاشخاص المعنوية – دار المعارف – ص 63) 
 و هنالك حكم آخر لنفس المحكمة في 10/1/1929م وقد جاء في أسبابه :  انه لا يصح تقرير المسئولية الجنائية للجمعية لأن العقوبة يجب أن تكون شخصية فلا يتحملها إلا من ارتكب الفعل المكون للجريمة " ( د. ادور غالب الذهبي – دراسات في قانون العقوبات المقارن – مكتبة غريب – القاهرة ص 13) 
يؤسس المعارضون للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي موقفهم على جملة من الحجج أهمها:
- أن الأشخاص المعنوية مجرد افتراض قانوني اقتضته الضرورة من أجل تحقيق مصالح معينة، الأمر الذي يحول دون إمكانية تصور إسناد الجريمة إليه. ( أحمد فتحي سرور، الجرائم الضريبية والنقدية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، 1960. ص. 53). 
- وأن التسليم بمساءلة الأشخاص المعنوية جزائيا يتنافى مع أحد أهم مبادئ القانون الجزائي، وهو مبدأ شخصية العقوبة، انطلاقا من أن توقيع العقوبة الجزائية على شركة مثلاً سيؤدي لامتداد أثر هذه العقوبة إلى كل الشركاء و المساهمين الذين قد يكون من بينهم من لم يسهم في ارتكاب الجريمة، لا باعتباره فاعلاً ولا شريكاً. ( عمر السعيد رمضان، الركن المعنوي في المخالفات، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة 1959 ص.159) 
ومن هاتين الحجتين خلص أصحاب هذا الرأي إلى إنكار قيام مسؤولية الأشخاص المعنوية جزائياً، ورغم أن أغلب التشريعات تجاوزت موقف الرفض المطلق إلا أن تأثرها بحجج الرافضين لهذه المسؤولية أدى أحيانا إلى اعتماد حلول غير مقبولة من وجهة نظر المنطق القانوني السليم. 
و من تطبيقات القضاء السوداني في هذا الشأن أرست سابقة : حكومة السودان /ضد/ عمر فضل الله  " م ع/ ط ج/ 90/1979م" المبادئ التالية : 
1-  الشخص الذي يعبر عن إرادة الشخصية الاعتبارية هو المسئول جنائيا عن أفعالها كمتهمة.
2-  رئيس مجلس إدارة الشركة مسئول جنائيا عن أفعال الشركة في حالة غياب مديرها.
و جاء سابقة : حكومة السودان /ضد/ طارق حسن محمد علي " م ع/ ط ج/ 100/1979م " بالمبدأ الآتي :  ( متى ثبت أن الذي أصدر الصك قد أصدره بوصفه وكيلاً عن صاحب الحساب دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب فإنه يكون مسئولاً لأن وكالته عن صاحب الحساب لا تنفي أنه هو الذي اقترف الجريمة ، فهو المسئول  ولو ارتكبت الجريمة لحساب الشخص المعنوي.) 
و جاء فيها أيضا : 
( نتكلم عن مسئولية الشخص الاعتباري جنائيا أن الصكوك موضوع الدعوى صادرة من شركة انترستي وموقع عليها مديرها – أن القانون الجنـائي عرف في المادة 3 منه الشخص بأنه يشمل الشخص الطبيعي وكل شركة أو  جمعية أو مجموعة من الأشخاص سواء كانت ذات شخصية اعتبارية أم لم تكن.. يترتب على ذلك أن ا لأشخاص المعنوية أو الاعتبارية كالشركات وخلافها يمكن أن تسأل جنائيا حسب التعريف الوارد كلمة "شخص" في المادة 3 . إذ أن المشرع السوداني أخذ بالنظرية السائدة الآن والتي تقول بأن الشخص المعنوي له وجود حقيقي بسبب المصالح الخاصة التي يقوم بتحقيقها والتي من شأنها أن تجعل لهذا الشخص شخصية مستقلة عن شخصيات أصحاب المصلحة فيه ومتميزة عنها ، أما عن القول بأن الشخصية المعنوية محددة بالغاية التي من أجلها وجد الشخص المعنوي ولا وجود لها فيما خرج من هذه الغاية هذا القول ليس لا قيمة له في الواقع – إذ أننا إذا أخذنا بهذا الرأي لوصلنا إلى نتيجة غريبة وهي منح الأشخـاص المعنوية حرية ارتكاب كل مخالفة للقانون ، أما عن الحجة المستندة إلى قاعدة شخصية العقوبات فلا وزن لها ، ذلك أن العقوبة تصيب الشخص المعنوي مباشرة وإذا أصابت أصحاب المصلحة فيه فعن طريق غير مباشر وبحكم الضرورة ، على أن في ذلك مصلحة ترجى ، وهي أن أصحاب المصلحة في الشخص المعنوي يعملون على إلزام القائمين بأمر انتهاج السبيل تفادياً لما قد يصيبهم في المستقبل من أثر العقوبة ، ومع ذلك فالعقوبة ليست دائماً شخصية بالمعنى الدقيق.. فإن أية عقوبة تصيب رب أسرة تصيب في نفس الوقت باقي أفراد أسرته بطريق غير مباشر ، وأخيراً نرى أن من العقوبات ما يلائم الشخص المعنوي كعقوبة الغرامة مثلاً.
ولم تخطي محكمة الجنايات بإدانتها للمتهم باعتباره الفاعل الأصلي للجريمة ذلكن لأن تحريره للصك بصفته ممثلاً للشركة صاحبة الحساب ، لا ينفي ارتكابه للجريمة،  تقول الدكتورة أمال عبد الرحيم في مؤلفها شرح قانون العقوبات الاقتصادي – جرائم التموين طبعة 1983 ص 155 بأنه " إذا أسندت جريمة إلى شخص معنوي فيجب ألا يسأل عنها إلا من تسبب في وقوعها سواء كان الممثل القانوني أو غيره ، وإذا ثبت ارتكاب الجريمة من قبل الممثل القانوني فإنه يسأل عنها سواء ارتكبها لحسابه الخاص أو باعتباره ممثلا للشخص المعنوي" ). 
كما أرست سابقة : حكومة السودان //ضد// عباس ناصر عباس " م ع / ف ج /322/ 1979م" المبدأين التاليين : 
1-  إذا كان الصك المرتد يخص شركة ووقع عليه المدير باعتباره الممثل القانوني لها ينبغي إدانة الشركة تحت المادة 179 لا المدير ، وتعاقب بما يتناسب مع الشخصية الاعتبارية.
2-  إذا أقر المدير بضمانة المبلغ يتحمل مسئولية سداد مبلغ الصك والشركة بالتضامن والانفراد مدنياً.

ختاما : 

الخلاصة أن الشخصية الإعتبارية هي كيان قائم بذاته و لها من الحقوق و المميزات التى تجعلها مشابهة الي حد ما للشخصية الطبيعية و أن الشخص الاعتباري يقوم بأعمال و نشاط فإذا خالف ما قام به القوانين الجنائية فيكون عرضة للمساءلة جنائيا، أما إذا اندرج ما قام به تحت أحكام المسؤولیة المدنیة فيسأل مدنيا. 
 






Legal writings
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع كتابات قانونية legal writings .

جديد قسم :

إرسال تعليق